أكواد HTML

السبت، 17 يوليو 2010

أرأيت سوسة والاصيل يلفها..



بعد ساعات نوم قليلة ، وجدت نفسى اجمع اغراضى صباح يوم امس لارافق شقيقى الكبير امون الى مدينة سوسة بالجبل الاخضر ، انطلقنا على تمام الساعة ال9 صباحا ً مصحوبين بدعوات وتوصيات ماما بالتأنى فى الطريق والاستمتاع بنهار مبارك ...عبر مدن الجبل الاخضر وقراه كنا نقطع الطريق على اغانى حليم وفيروز ...وصلنا الى سوسة على تمام الساعة الحادية عشرة وربع بعد ان قررنا الا نتوقف فى بلاغراى "البيضاء" عند اخينا الكبير آبيه – طبعا هو لقبه على طريقة المصريين فى افلام الابيض والاسود- فلدى آمون مواعيد عمل فى سوسة تتعلق بمشروع سياحى استثمارى ربما ينفُذ فى تلك البلدة الجبلية الساحرة ، واما انا فمرتبطة بموعد مع مراقبة آثار سوسة للحصول على تقارير تخص ميناء سوسة التى تعمل بها البعثة الفرنسية برئاسة البرفسور الفرنسى آندريه لاروند ....كانت سوسة هادئة فى تلك الساعات الصباحية فمعظم السكان يتناولون وجبة افطار متاخرة يطلقون عليها" فطور الضحا" وهى تتكون من اكلات ليبية تقليدية كالمقطع على اللبن او الارز باللبن والزبدة او دشيشة باللبن ، ولكن صاروا يضيفون لهذه الاكلات التقليدية المعلبات الحديثة كالجبن والتونا والمربى وغيرها توقفنا عند سورمبنى مراقبة الاثار الخارجى القريب من المنارة وهو الفندق الوحيد ذو اربع نجمات بتلك المدينة الصغيرة ، ويقع على شاطىء البحر مباشرة ويتمتع بخدمات فندقية راقية ...كان الهدوء يلف المكان ، انتظر امون ليتأكد من وجود احد اعضاء البعثة الفرنسية فى مبنى المراقبة ليتركنى برفقته ويغادر لمواعيده .





...دفعت البوابة الحديدية القديمة لأجد عبد الصالح صديقى واحد زملاء الدراسة(ايام زمان)واحد العاملين بمصلحة الاثار بشحات موجود ليساعدنى فى الترجمة فهو يتحدث اللغة الفرنسية بطريقة جيدة، حيث اخبرنى بعدم تواجد البروفوسور لاروند ، جلسنا على الكراسى المتناثرة وسط الفناء تظللنا عريشة كبيرة ملىء بعناقيد العنب الاحمر،حيث يضم مجموعة مبانى ترجع للفترة الايطالية الاستعمارية وكانت تسُتخدم لنفس الغرض فى تلك الفترة ، المبانى جميلة جدا ، كل مبنى يضم ثلاث غرف وحمامين بدائيين ومطبخ صغير وصالة صغيرة تفتح فيها كل الغرف الداخلية ، والنوافذ مستطيلة ولها افريز من المرمر الرمادى وارضيات المبنى من البلاط المكون من مكعبات باللون الابيض والاسود ...كل البيوت تطل على البحر مانحا ً لساكنى تلك المبانى اطلالة لاتقدر بثمن ...جلست مع الصديق عبد الصالح للدردشة حول اخبار البعثات الاثرية وماتم انجازه من عمل فى سوسة وشحات وقصر المقدم وقصر ليبيا والكثير من المناطق الاثرية الشديدة الثراء بالمخلفات الثمينة ، ثم عرُفنى على مجموعة باحثين جدد قادمين من فرنسا ، حاولنا التواصل بقدر ما تسمح به اللغة...ثم رافقتهم الى المعمل لتسجيل ملاحظاتى والبداء فى الشغل على ما اريده ، رغم صعوبة الامر لانهم لا يسمحون بالاطلاع على كل النتائج قبل ان يتم نشرها بشكل رسمى ، ووقفت اللغة عائق فمعرفتى فى اللغة الانجليزية جيدة ، والاسبانية ، كما اصبحت افهم قليلا فى الايطالية ولكن الفرنسية ..لا ادرى استمتع بسماع النغمة الموسيقية ولكن لم انجح فى التعلم ....غادرت بعد الساعة الثانية ونصف وسط الحاحات عبد الصالح بالاتصال بشقيقى امون وابلاغه بان نأتى لتناول الغداء فى بيته القريب ، قضيت مايقارب النصف ساعة وانا اشرح ارتباطاتنا المهنية ، واننى مضطرة للذهاب للفندق لقراءة التقارير التى تحصلت عليها ووضع ملاحظات مبدائية والعودة بعد صلاة العصر لطرح بضع اسئلة على كريستين احد الباحثات الاثريات المرافقات للبعثة والتى تعرف القليل من اللغة العربية لم يقتنع عبد الصالح الا بصعوبة ، ذهبت اتمشى على الشاطىء باتجاه الفندق رغم ارتفاع درجة الحرارة لم يمنع من وجود بضع اجساد بشرية فى مياه البحر الزرقاء ...كنت اضع نظارة سوداء كبيرة والف رأسى فى وشاح ازرق لكى لا يتعرف على احد من اقاربنا المصطفين او القاطنين بالمدينة ...شعرت بانى احتاج للبقاء وحيدة قليلا ...كنت ابحث عن مكان يقينى حر الشمس ويسمح لى بالتأمل امام شاطىء البحروهو يتلألأ بلونه الفيروزى والأخضرالداكن .







جلست فى ظل مبنى اثرى محتمية به من الشمس ومن نظرات المتلصصين ، رغم اغراء المياه الا اننى لم اسبح فى البحر نزولا عند وعد قطعته لماما التى استحلفتنى بالا افعل وانا وحدى "..سلم بنيتى بحر سوسة اغرق فيه حاتم ولد خالك ، وانتى وحدك تقولى انه التيارات البحرية فيه مرات تكون سريعة وصعبة على العوامين ، هنينى سلم بنتى ، باهى ياماما والله حاضر" لا ادرى لما خطرت ببالى اغنية لفيروز اسمها مراكبنا على المينا وهيلا ياواسع كنت ادندنها لنفسى وانا اراقب من وراء نظراتى الشاطىء الممتد امامى ، فهناك حمام كليوبترا الملكة البطلمية التى حكمت مصرمخلدا ً آثارها فى قصة حب جمعتها مع اعظم قواد الرومان فمن قيصر الى مارك انطونيو ، ويقال بانها كانت تأتى لاصطياف هنا فابولونيا فى تلك الفترة خاضعة لامبراطورية البطالمة ... كنت استرجع ذكرى زيارات لهذه المدينة مع والدى رحمه الله الذى حُلم طويلا بمشروع فندق على طراز رفيع وبدأ فى العمل على تنفيذ الفكرة فى بداية عقد التسعينات ولكنه فشل مع سياسة الدولة وقتها فى عرقلة المشاريع السياحية ، فهو عمل على تنفيذ بعض طرق البرية الواصلة بين المدينة وبين عدة مدن ومناطق اخرى ايام العهد الملكى ، كان بابا كغيره من ابناء جيله يحلم لليبيا بالكثير لم افهم فى البداية حسرته ولكنى بعد مرور هذا الوقت ادركت بان بابا لم يكن رجل اعمال اراد بناء ثروة بل احب بلاده على طريقته الخاصة ، عندما استرجع صدى نقاشاته مع رجال اعمال اوربيين عن ميزات الشعب الليبى الطيب ايام الستينات ومدحه لنقاء لليبييى تلك السنين الخضراء يزداد فهمى اكثرويتعمق ، والمؤسف اننى فى فترة لاحقة كنت كلما جلبت مجموعة من السواح برفقة الشركات التى عملت معهم كوسيطة صفقات اشعر بالحزن على تردى الخدمات السياحية من حيث المبانى والمنشأت والطاقات البشرية ..



كنت اردد لهم باننا بلد نحاول ان نستفيد ونصنع فارقا فى المستقبل ، لم أشاء مناقشة مشاكلنا مع سواح اغراب رغم معرفتى لادراكهم لمشاكلنا ...مدينة سوسة او كما يطلق عليها أبوللونيا فى الفترة الاغريقية نسبة إلى الإله أبوللوالاغريقى ، تقع على الساحل مباشرة وتبعد عن شحات بحوالى الربع ساعة ، فالامكان النزول من كريني " شحات " الواقعة على هضبة الجبل الاخضر الثانية الى سوسة الساحلية عبر طريق جبلى ملتوى كافعى ، مانحة لكل العابرين متعة بصرية فالبحر والجبل يمتزجان فى الصورة التى لن تمحى ابدا من الذاكرة ..الطريق بين المدينتين الاغريقيتين فيه ظاهرة استكاتيكية غريبة تتمثل فى احد منعطفات الطريق تجد نفسك فى وضع السيارة تكون فيه متجه للاعلى بينما الطريق تنحى الى الوراء ..كثيرا ما قمت انا واشقائى بتجربة هذه اللعبة منذ علمها لنا بابا رحمه الله ، فالسيارة تتحرك الى فوق بدل ان ترجع الى الاسفل وبدون اى جهد من السائق ....كانت ابوللونيا الميناء الذى تقوم من خلاله كرينى بالاتصال بالعالم الخارجى ، وقد تم الاستفاد منه منذ انشاء كيرينى فى القرن السابع ق.م ، الا انها لم تستقل عنها الا فى القرن الاول ق.م . شهدت المدينة فترات ازدهار خاصة مع اعتبارها عاصمة للاقليم المدن الخمس ( شرق ليبيا ) فى الفترة المسيحية ، فقد كشفت المعاول الاثرية عن عدة كنائس مزدانة بالرخام والفسيفساء يؤومها المسيحيين بالمدينة ، كما ضمت مسرح دائرى من الفترة الهللينستية حيث يستطيع المتفرجون التمتع بالمشاهد المسرحية وبرؤية البحر معا ً فى آن واحد، وحمامات ترجع للفترة الرومانية ، ومبانى سكنية للمواطنين ، ولعل قصر الدوق هو اشهر تلك المبانى العامة وهو مقر لحاكم الاقليم فى الفترة المسيحية...مايميز المدينة الاثرية هو وجود جزء كبير من مبانيها مغمور فى مياه البحر ، لتعرضها لاكثر من زلازال مدمر ، وميناءها هو مايهمنى اكثر شىء فانا اواصل ابحاثى عليه ، فربما يكون موضوع دراسة لنيل درجة الدكتوراه ، وهذا مايجعلنى اتردد على المدينة فى شهر اغسطس وسبتمبر مشاركا ً فى موسم الغطس ..



..كما اهتم قبلى مجموعة من الرحالة الغربيين الذين حاولوا تقديم وصف مفصل للميناء الشهير ...السكان فى الوقت الحالى هم فى غالبيتهم متعلمين وبعضهم تخرج من جامعات غربية راقية وحاصلين على درجات علمية ، هم فى غالبيتهم من قبيلة الحاسة وهى اصغر القبائل المنتمية الى الحرابى... واما فى الزمن القديم كانت قبيلة الاسبوستاى الليبية تنتشر فى تلك الأراضى ، حيث امتزجوا مع الاغريق المهاجرين ممثلين عنصر فاعل فى الحضارة الهلينستية الراقية ، كانوا يربون الخيول ويشتهرون بقيادة العربات التى تجرها أربعة خيول ، بالإضافة الى جمعهم محصول السلفيوم ...وقيامهم بالصيد البحرى ...وعرُفت فى الفترة المسيحية باسم سوزوسا ومنه جاءت التسمية الحالية ، كما كانت فى العهد البيزنطى مقرا ً لأسقفية حيث مارس فيها الاسقف سونسيوس الشهير مراسم العبادة .. وظلت المدينة قائمة بعد الفتح الاسلامى لليبيا ، ثم تعرضت الى الهجران والاهمال تدريجيا ً والاسباب غير واضحة تماما .. وفى فترة الحرب اليونانية التركية سنة 1898 عادت الحياة تدب فى المكان نتيجة لتهجير الكريتيين إليها بسبب النزاع المدمر بين الطرفين ،حيث قامت الحكومة العثمانية بترحيل قسم من السكان المسلمين الكريتيين الى برقة مانحتهم سوسة لتوطينهم فيها ، ولم يكن يسكن الموقع الذى كان يرسو به من حين إلى آخر بعض التجار اليونانيين سوى عدد قليل من عائلات القلابطة احد فرع قبيلة الحاسة..وقد أنشأت الحكومة العثمانية للمهاجرين الكريتيين والفقراء منهم خاصة بعض المساكن التى استقروا بها كما منحتهم أراضى لزراعتها ...ومع الغزو الايطالي لبلادنا وقعت سوسة فى ايدى المستعمرين الذين وجدوا فيها مكان يخلب لب الزائرين ، حيث عملوا على توسيع البلدة فأصبحت تنقسم الى ثلاث وحدات أو أحياء : الحى الواقع غربى الميدان الرئيسى ، وأغلب سكانه من الكريتيين ، والحى الجنوبى و القسم الشرقى وتسكنه بعض العائلات من القلابطة احد فروع الحاسة..من ميناء سوسة اقلعت السفينة الحربية التى اقلت الشيخ الاسد الى مدينة بنغازى لمحاكمته ،وكم حاولت البحث عن المبنى فى كل مرة اكون فيها فى المدينة ، وقد اشار مرة احد معارفى لمبنى البلدية على انه هو الذى تم استخدامه ، والموجع ان معظم المبانى الايطالية تعرضت للاهمال والتخريب والتغيير ولم افهم ماالسبب فى تلك السياسة الغبية ففى كل دول العالم المتطور يحافظون على تلك المبانى ويحولنها الى مزارات سنوية الا لدينا ..



بدأت الحفريات الايطالية فى المنطقة فى عشرينيات القرن العشرين حيث تم التنقيب عن الكنيسة الشرقية ، واستمرت فى العهد الملكى وحتى وقتنا الحالى البعثات الاثرية وسط اهتمام متزايد من علماء من كافة بقاع الارض ، واهمال رسمى من الدولة للاسف الشديد للحفاظ على تلك الممتلكات القيمة ....سكان البلدة الصغيرة يعيشون على دخولهم من الزراعة وعلى وظائفهم الحكومية ، ويوجد بسوسة معهد للتدريب والتعليم للمهن الفندقية والسياحية لم يستفيدون من توظيفه لخلق فرص لشباب وشابات المدينة الجبلية ، فرغم ميزاتها الطبيعية والثقافية فسوسة مهمُلة كغيرها من مدن الجبل ...اصبحت المبانى الحديثة تزحف على كل مكان مهددة القبور والمبانى الاثرية المحيطة بالمكان لعشوائية التخطيط والتنفيذ..للمدينة متحف تم افتتاحه فى العام 1929 لم يكن يسمح الا للباحثين بالتردد عليه ثم صار مفتوح للزوار دون استثناء ، وللاسف الشديد المتحف يتحتاج لترميم والتطوير للحفاظ على مايحوى من مقتنيات ثمينة، يمكن ان يكون ضمن الامكان التى تجلب مدخول كبير لبلدية المدينة ..





كنت اجلس لاسجل هذه الانطباعات والافكار فى بهو الفندق بعد عودتى اليه لاداء صلاة العصر منتظرة شقيقى امون ، لتناول غداء متاخر فى مطعم قريب ، هناك واصلنا النقاش حول ما قام بانجازه وما يمكن ان نفعله بقية النهار، عدت من جديد لمبنى مراقبة الآثار لجمع معلوماتى ومزيد من التقارير منتظرة كريستين التى حضرت مر عام على اخر مرة التقينا فيها ، كانت فتاة تصغرنى فى السن ،حاصلة على درجة الدكتوراه ، كنت كلما التقيتها ابتسم على مفارقة الدراسة فى عالمنا العربى ، ولو فكرت فى الدراسة بفرنسا يمكن ان تكون المشرفة على اطروحتى ، هكذا كانت تعرض علي فنحن منسجمتان ، ومتفاهمتان فى ما يخص الجوانب العلمية والانسانية ايضا ...غادرت عائدة الى الفندق من جديد ، والشمس تغطس فى البحر وكانها قطعة سكر ملونة ..كنت اردد لنفسى بيت شعرى لم اتذكر من قائلها رغم شهرته: أرأيت سوسة والاصيل يلفها ..بدات الحركة فى المدينة تخف ، بعيدا كانت تسُمع انغام مزمارجبلى يتردد صداه فى الشوارع الهادئة ، مثيرة مشاعرى فكنت افكر فمن يكون العريس والعروسة وهل تزوجا عن قصة حب ام لايعرفا بعض ؟ رغم انه فى الجبل الاخضر قصص الحب انجح من اهل المدن ، وهذه الملاحظة عندما دققت فيها عبر الوقت ، وجدتها تنطبق بنسبة كبيرة ، رغم صرامة التقاليد الا انها لا تمنع ان اعلان فلان اعجابه ورغبته بفلانة حيث يصبح ذلك الاعلان بمثابة خطبة شفهية غير رسمية بين الطرفين ، كما ان نسبة الزواج مرتفعة بين الشباب لقبول الكثير من الفتيات مشاركة اهل الزوج فى بيتهم ، وبذلك تحل مشكلة السكن ...فى السابق كانت الزيجات تتم داخل العائلات المتقاربة ، والان صار بالامكان لبنات المنطقة الزواج من خارج القبيلة ، خاصة مع ارتفاع نسبة التعليم الجامعى ...يشتهر شباب وشابات المنطقة بجمال فريد ، فهنا اختلطت دماء واعراق كثيرة ..



....ما يروى عن تاريخ المدينة فى الحقبة الاستعمارية الكريهة قيام الليبين بتزويج بناتهم فى سن صغيرة حمايا ً لهن من الجنود الايطاليين الذين صاروا يتقدمون خاطبين من اسر الجميلات فيهن ...فيذكر عن شغف احد كبار القادة الايطاليين باحد فتيات قبيلة الحاسة فتقدم خاطبا ً فلم يجد اهلها من حل سوى تهريبها الى منطقة اخرى ...تاريخ المنطقة يمتلىء بالقصص عن معارك بين المجاهدين والايطاليين ن هنا قتُل سيدى الفضيل بوعمر احد كبار قادة حركة الجهاد الليبى بالجبل الاخضر ن واحد المقربين من سيدى عمر المختار ، ويمكن مشاهدة النصب التذكارى الذى اقيم فى فترة لاحقة منتصبا ً على سفح الجبل الاخضر المحيط بسوسة ...



وصلت الى باحة الفندق لاجد شقيقى امون ينتظرنى لكى نغادر الى بلاغراى حيث سنبيت ليلتنا عند اخى الكبير آبيه " ...كنا نغادر سوسة والليل يلفها والقمر بدرا .. فتحت نافذة السيارة لاستمتع بالنسمة الباردة منصتة لازيز الحشرات وهسهسة اشجار الكافور ..توقفنا عند مقهى صغير يبيع الشطائر والسندوتشات اللذيذة فى مدخل مدينة كرينى .." ايوه يا امونا احسن ما نتعبوا سوسو مرات آبيه ، انت عارف وضعها الصحى هلا الفترة ، على الاقل توا نشربوا معهم شاهى ونهدرزوا " .. توقفنا امام بيت اخى الكبير على قرابة الساعة ال10ونصف ليلا ً، بعد ان اتصلنا بآبيه لكى نعلمه بوصولنا ، خرج آبيه راكضا ً على الدرج تسبقه بناته ..آبيه اخى لابى من زواج سابق لم يستمر الا بضع اشهر كان ثمرته هذا الأخ الرائع ، الذى خرج علينا ساخطا ً : " باهى كنتوا تغديتوا ومشيتوا ياسى ، شنوا الدينا بتطير ، ولاالله حتى فطرتوا " ..مابين قبلات البنات وكلمات آبيه الغاضبة وصدى الضحكات يتردد فى ليل بلاغراى الهادىء دخلنا الى البيت حيث وجدنا سوسو بانتظارنا بابتسامة عريضة على وجهها ، فأنا وهى نرتبط بصداقة رائعة ، كم احبها وارتاح فى صحبتها ، ولا احتمل لحظة الم تمر عليها فهى طيبة القلب وحنونة ، نوع من الناس لم نعد نجده كثيرا ، وهى فتاة جميلة جدا ومن اسرة محافظة من اسر البيضاء ..احب محبتها لزوجها وبناتها وبيتها ..جلسنا حتى ساعات الفجر نتحدث ، ثم تركتنى لتنام فهى وضع صحى مرهق قليلا ،فهى تنتظر ولادتها بين يوم وآخر ..



.. جلست بعد صلاة الفجر لاكتب قليلا فقد عجزت عن النوم،صديقتى زينا ونييديوا كانتا ببالى وانا ادون مابخاطرى من معلومات وملاحظات ، ... الهدوء يلف المدينة الجميلة ذات المناخ الصحى ...نعم انها بلا غراى او بيضائى مدينتى التى لا يعادلها اى مدينة فى عشقى لها الا لندن .. مع شروق الشمس نمت قليلا حتى الساعة ال10 ، لأستيقظ على بنات اخى وهن يجلسن على رأسى محاولات ايقاضى باى طريقة لالعب معهن ، هنو وياسو الصغيرة التى سماها آبيه على اسمى من شدة الارتباط بينى وبينه ..كن يركضن هنا وهناك وانا نصف نائمة اواصل حديثا مع سوسو ، متناولة افطارا ً خفيفا ً ...غادرنا بلاغراى ظهرا بعد ان مررنا على مقام سيدى رويفع الانصارى حيث صلينا فيه صلاة الظهر ، ثم انطلقنا عائدين الى بنغازى التى وصلنا على آذان العصر ...
 
الموضوع منقول بتصرف في الصور . ابولونيا ( سوسة ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق